" ثم نضيف أصبع الزبدة إلى المزيج و نقوم بتقليبه حتى يصبح متماسكا و ندخله الفرن لمدة 10 دقائق ثم يكون جاهزا بعدها".
لكم أحب برنامج "الطباخ محبوب الموهوب" لا أستطيع وصف مشاعري و أنا أراه يقوم بعمل كل تلك الأصناف اللذيذة، بالرغم من أن صديقتي المقربة لا تحب مشاهدته
فهي تجد أن اسمه سخيف!
- "اي اسم هذا محبوب الموهوب؟ كغرار ماهر الباهر أو لولا اللهلوبة!
- هيه لا تكوني قاسية في حكمك، لو شاهدتيه لمرة واحدة لاختلف رأيك، و الاسماء التي ذكرتيها جيدة حقا تصلح اسماء لبرامج!
- هاها، انت غير مضحك بالمناسبة
- انا احاول جهدي!
كنا مجموعة متجانسة من الخلايا الدهنية، منذ كنا صغارا و نحن اصدقاء
ما يميزنا عن باقي الخلايا كوننا نحتوي على كمية كبيرة من الدهن يحيط بها السيتوبلازم لدرجة انك تجد النواة المسكينة "محشورة" بين الدهن و جدار الخلية!
اكتشفت حديثا ان الجميع لديه فكرة نمطية عن الخلايا الدهنية كونها بلا فائدة و الأفضل التخلص منها
لا اعرف من اين اتت هذه الفكرة لكن اعرف شيئا واحدا نحن لنا فوائد وليس فائدة واحدة!
فكثير من اعضاء الجسم تحيط بها خلايا دهنية كغطاء يحميها من صدمات خارجية و يثبتها في مكانها كالكلى والأمعاء
و طبقة الدهن تحت الجلد هي عازل مهم للحرارة والبرودة، وهناك هرمونات مثل الاستروجين و انزيمات مهمة كإنزيم الشهية نقوم- وبلا فخر- بإفرازها!
ولا ننسى أهم وظيفة لنا: مصدر بديل للطاقة - فائدة اتمنى ان لا يلجأ اليها الجسم كثيرا!
هذه حقيقة، ففي العادة يحتاج الجسم إلى الخلايا الدهنية كي تقوم بتدفئة الجسم و عند نفاذ مخزون السكريات تستخدمه كمصدر للطاقة
وكما أن زيادة أي شيء عن الحد الطبيعي امر سيء فلسنا استثناء للقاعدة، فالزيادة الفائضة من الدهن يقوم الجسم بتخزينها في الخلايا الدهنية الموجودة حول الاعضاء المختلفة و تحت الجلد .
سأخبركم سرا صغيرا لا نحب ان يعرفه الناس عنا..
الدهن المتمركز حول الأحشاء بكمية كبيرة هو أخطر بكثير من الدهن الموجود تحت الجلد، الأول له علاقة وثيقة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم و السكري من النوع الثاني والسرطان. إذا كنت تملك بطنا بارزة كبيرة، عليك التفكير جديا في هذه المخاطر، بينما الدهن المخزون تحت الجلد (في الأفخاذ والأرداف و المؤخرة) لم توجد له علاقة بالأمراض سابقة الذكر!
لكن و مع هذا فأنا فخور بكوني خلية دهنية!
تأتي أوقات نكون فيها بلا عمل، نقضيها في تجاذب اطراف الحديث بينما نشاهد بقية الخلايا في عملها الشاق
و من المواضيع المحببة لنا عندما يقوم كل واحد مننا بسؤال الاخر عن منشأه، و الاغلبية العظمى أتت من قطعة هامبرغر او بطاطس مقلية و غيرها من المأكولات السريعة
وفي مرة جاءتنا مجموعة من الخلايا الدهنية تتحدث الفرنسية!
و عانت الكثير كي تتأقلم في المكان الجديد
وكانت منعزلة قليلا و أبدت امتعاضها من طريقة تصرف بعض الخلايا الدهنية "غير المهذبة" على حد تعبيرهم و التي كانت تقوم باستفزازهم
ولكن مع الوقت تعلموا التعايش معنا و فهمنا منهم انهم اتوا من حلوى المكرون في أحد المقاهي الفرنسية في عطلة العام الماضي.
حياة جميلة، أحيانا خاملة و كسولة، اعتدناها و احببناها.
***
كل سنة في اليوم العاشر من الشهر الثاني نقوم بالتوقف عن اي نشاط تماما حداد على الخلايا التي فقدناها في حدث زلزل عالمنا بالكامل
كان يوما عاديا لا ينذر بشيء، و فجأة بدت احدى الخلايا بالتوقف عن الكلام، و اصبحت تنظر لنا في ذهول، ووجدناها تذوب امامنا تاركة قطعة صغيرة من السكر سرعان ما تلاشت،
وتبعتها خلية وراء اخرى، كان منظرا مرعبا لأننا لم نعرف ماذا يحصل لنا
و بدون اي انذار وكان الجميع خائف ان يكون هو التالي
ما للذي حدث؟ نريد تفسيرا؟
كان البيان التالي قد جاءنا من الدماغ بعد الحادثة الاليمة:
نظرا لقيام الجسم بزيادة نشاطه اليومي في صورة رياضة مكثفة احتجنا الى زيادة في مصدر الطاقة، و نظرا لان كمية السكر المتوفرة لم تكف لتوليد الطاقة المطلوبة احتجنا الى استخدام مصدر اضافي لتوليد الطاقة - الخلايا الدهنية في هذه الحالة..
احتججنا على هذه الطريقة في اساءة استخدامنا بدون تحذير مسبق
قد نكون خلايا كسولة لكن بالتأكيد لنا حقوقا ولن نتهاون فيها
لحسن الحظ فان هذه الحادثة لم تتكرر بعدها ابدا!
حلمت يوما اني و اصدقائي نلعب كعادتنا و نتجاذب اطراف الحديث، و فجأة ظهر وحش ضخم ذي اطراف كثيرة و اصبح يمتص اصدقائي واحدا تلو الاخر بأطرافه الماصة
وقمت فزعا من نومي!
ليس من العادة ان تحلم خلية
لذا عندما اخبرت صديقتي بالحلم اخذتني الى اكبر الخلايا الدهنية عمرا عرف عنه الحكمة، اخبرته بحلمي، و بعدما انتهيت
نظر الي في صمت، ثم قال:
الوحش الماص لا يعني سوى حقيقة واحدة، حقيقة واحدة ستنال من كل خلية دهنية
ثم صمت و لم يضف كلمة واحدة.
لم يقم بتفسير شيء في الحقيقة، و اخبرت صديقتي عن رأي في الحكيم الخرف
- لا تقل عليه مثل هذا الكلام، هو بالعادة لا يحب الثرثرة الكثيرة لكن تفسيراته تصح دائما
- كان كابوسا و انتهى الامر، ربما اخطأت احدى الخلايا العصبية في ارسال اشاراتها العصبية، هذا كل شيء
- اتمنى هذا
اه عندما افكر في هذا الحوار، كانت كلماته اخر كلمات تداولتها مع صديقتي
لأنه دقائق بعدها رأيت انبوبا طويلا ماصا يخترق الجلد
يتحرك بسرعة كبيرة ممتصا كل خلية دهنية في طريقه كان سريعا بحيث لم يكن هناك وقتا للصراخ و الاستغاثة..
رأيت صديقتي تمتص، والخلايا الدهنية الفرنسية لمحتها تصرخ aider))** قبل ان يبتلعها الانبوب
و العجوز الحكيم - الذي لم يكن مخرفا ابدا! - يدور بين الخلايا و هو يردد: حقيقة واحدة..حقيقة واحدة
ثم ابتلعه الانبوب الى الابد
ولا اعرف مالذي حدث لي، لكن اعتقد منظر المكان بلا اصدقائي جعلني متبلد المشاعر لا مباليا اخطو بنفسي الى الانبوب
وخرجت من الطرف الاخر الى العالم الخارجي
و تراكمت الخلايا الدهنية في وعاء كبير، و بعضها تناثر على الارض، وكنت من ضمنها
ورأيت جسدا مسجى على طاولة مغطاة و شخصا يلبس قناعا يقف بجانبه ممسكا بأنبوب طويل موصل إلى جهاز بجانبه، قال وهو يقوم باخراج الانبوب من بطن الجسد الممدد:
- سيدة مرمر، انت الان تستفيقين من البنج، لقد قمنا بشفط الدهون الزائدة من تحت الجلد، لقد نصحتك بالرياضة و الحمية
لكن يبدو انك لم تستمري في الامر، على كلِ الان الحمية و الرياضة امران حتميان كي تحافظي على صحتك
قالت المرأة و هي مازالت تحت تأثير المخدر:
- هامبرغر، مع بطاطس مقلية لو سمحت
- سيدة مرمر اتمنى ان يكون كلامك مجرد هذيان و لا يترجم الى حقيقة!
ثم مشى كي يطفئ الجهاز و داس علي اثناء مشيه و نظر الي في تقزز و قال:
سنحتاج الى مجهود كبير للقيام بتنظيف المكان و تعقيمه
مازالت المرأة تردد: هامبرغر ولا تنس الكتشب ايضا!
التوقيع:
خلية دهنية
* ياللخزي!
** النجدة بالفرنسية
