" أبيض كاللؤلؤ أسطع
صلب حاد، أقسى اللحوم أقطع
لا تهمل تنظيفي فالبكتريا لا تشبع"
أحب هذه النشيدة التي ننشدها كل يوم في الصباح أمام المعلمة في المدرسة
نقف كما أعتدنا في صف نضيد و ننشد و بعد ذلك نبدأ الدرس و نستمع للمعلمة "لسان" و التي أحبها كثيرا و حديثها جميل لولا أنها تخرج من الموضوع الرئيسي كثيرا!
كنا 20 سنا نسمى "بالأسنان اللبنية" ونحن أول مجموعة أسنان تظهر في الانسان في عمر حوالي 6 أشهر و تبقى حتى سن الثانية عشرة، و أثناء هذه المدة نتساقط لنستبدل بالأسنان الدائمة و التي تبقى طيلة حياة الانسان بعد ذلك. عمرنا الان 6 سنوات نفس عمر صاحبي "وائل".
كان درسنا اليوم عن تكويننا و مما نتركب. كان درسا سهلا فالسن يتكون من 4 أجزاء رئيسية:
- جزء داخلي وهو لب السن و يحتوي على الاعصاب و الاوعية الدموية
- يغطيه من الخارج طبقة عظمية لونها أصفر تسمى العاج، حساسة لأي مؤثر خارجي كالسوائل الباردة
- الطبقة الخارجية التي ترونها بالعين المجردة تسمى الميناء و لونها أبيض و هي أصلب نسيج عظمي في الانسان!
- و أخيرا طبقة الملاط و تغطي جذر السن المغروس في الفك و لا تستطيع رؤيتها طبعا!
وظيفتنا قطع المواد الغذائية (و أحيانا غير الغذائية!) إلى قطع صغيرة يسهل ابتلاعها، و أن نحافظ على شكلنا أبيضا جميلا!
أحيانا أشاهد بكتريا كروية صغيرة تسبح في اللعاب من حولنا، لا تقوم بأي نشاط سوى السباحة في كسل و اختلاس النظر الينا. تعلمنا ان نتجاهلها مع الوقت طالما انها لا تتسبب بأذى..
وفي أحد الأيام و بينما كنت منهمكا بمراجعة دروس اليوم، التفت الي جاري وقال لي:
- هيه.. هناك "قطعة" خس ملتصقة بك..
- أوه شكرا لتنبيهك.. لكن غريب.. اخر مرة اكل فيها "وائل" خضارا ورقية كانت قبل أكثر من شهر!
هنا تنبهت للأمر: هذه ليست قطعة خس! هذه بكتريا ملتصقة بسطحي الخارجي تأكل السكر الدبق و تقوم أيضا بإفراز الحمض الذي يذيب غطائي الخارجي، أي "الميناء"!
صرخت في فزع: ما لذي يحدث! طبقة الميناء الخارجية تذوب! لماذا يحدث هذا!
دب الهلع بين باقي الاسنان و كل واحد منهم لاحظ على سطحه نفس الشيء، هنا تدخلت المعلمة "لسان" لتهدئتنا:
- اهدئوا يا صغار، سأخبركم ماذا يحدث: اللعاب في العادة يكون قاعديا أي أن كمية الحمض فيه قليلة وهذا يتناسب مع تركيب السن العظمي و الذي يحتوي على أكثر من 96% من تركيبه معادن تتحلل مع ازدياد حامضية اللعاب، وهذا ما يحدث الان نتيجة للأحماض التي تفرزها بكتريا الفم اثناء التصاقها و تغذيها على السكريات
- و الحل يا معلمتي؟
- أن يقوم "وائل" بغسل أسنانه بالفرشاة و المعجون كي يزيل البكتريا و السكريات الدبقة أو حتى أن يمضغ علكة غير سكرية تساعد على افراز اللعاب و تغيير حامضية اللعاب الى قاعدية
وأضافت:
- أكره أن أخبركم بهذا، لكن قد لا تشعرون الان بشيء اثناء نخر البكتريا للميناء، لكن لو وصل الى طبقة العاج و ما بعدها، ستكون الاماً رهيبة..
- ماذا يعني ذلك معلمتي؟
- طبقة الميناء غير حساسة و تتحمل درجات الحرارة و البرودة المختلفة، العاج و لب السن ليسا كذلك بل هما حساسان جدا، رشفة واحدة من مشروب "وائل" المفضل ستجعلك تحس بألم شديد اذا وصل لداخل السن..
كان خبرا سيء، و عملية نخر السن بطيئة ولكنها مستمرة، و بعد عدة أشهر كان "وائل" مع موعد مع طبيب الاسنان و الذي كان رأيه كالتالي:
- "وائل" أيها الصغير، هناك عدة فجوات في اسنانك قامت البكتريا/السوس بتكوينها، سنضطر لحفرها كي أزيل اثار السوس ثم حشوها بعد ذلك كي لا تشعر بالآلام اثناء الشرب او الاكل
- هل سأحتاج إلى ابرة؟
- أخشى ذلك، هي مجرد وخزة ثم لن تشعر بعدها بشيء..
و كان الامر كما قال..
لكن هذا هو جزء من العلاج، و باقي العلاج يتمثل في عناية "وائل" بنظافة فمه الشخصية بالمواظبة على غسل اسنانه بالفرشاة و المعجون بعد نصف ساعة بعد كل وجبة و التقليل من الأطعمة السكرية..
و عندما أنتهى الطبيب من عمله نصح "وائل" قائلا:
- لا تنس زيارة الطبيب كل 6 أشهر، فلو اكتشفنا النخر في مرحلة مبكرة كان ليكون أقل ايلاما و أقل تكلفة في حشوه..
لكن لن أعرف إذا سيلتزم أم لا، فأنا سن لبنية سأسقط على الأغلب السنة القادمة، أتمنى أن يلتزم هذا ليحافظ على أسنانه الدائمة، فلن تعطى له فرصة ثانية عندها!
التوقيع:
سن لبنية.
_______________________________________________________________
_ شكرا جزيلا د. أحمد مغربي dentist على المراجعة العلمية _
