"I cannot teach anybody anything, I can only make them think."
Socrates

Thursday, October 7, 2010

خلية خبيثة - Malignant Cell


مرحبا
اسمي سرطون
كان اسمي سابقا خلية رئوية-2105695468573
ولكن غيرته لأسباب سأذكرها لاحقا
واحد من ضمن التريليونات العديدة من الخلايا في الجسم.. قد تتشابه الخلايا في الكثير : تمر بذا المراحل من نمو ونضج وانتهاء بالموت المبرمج او الشيخوخة..

 
لكن حياتي مختلفة بعض الشيء..
كخلية رئوية كان عملي يقتصر على تنقية الهواء الداخل للرئتين فارشح الاكسجين ليتم نقله داخل الاوعية الدموية داخل الجسم و اخذ ثاني اكسيد الكربون ليتم طرده خارج الرئتين

عمل روتيني تقوم به ملايين الخلايا الرئوية يوميا، و مع هذا أحبه!
لست خلية مميزة في شيء، لست كخلايا الاعصاب التي تتباهى بسرعة نقل و تحليل المعلومات
ولا كخلايا البنكرياس التي يحاول الجميع كسب ودها فهي من يفرز الانسولين الذي يعمل على ادخال السكر-مصدر الطاقة- داخل الخلايا
كنت نكرة..
نكرة تعيش قصة حب!
حبيبتي هي خلية رئوية-2105695468575
وهي تسمية كباقي الخلايا الرئوية
لكنها بالنسبة لي كانت مميزة..
لا اعرف كيف اصف لكم كيف تكون مميزة وهي تشبه باقي الخلايا..
اول مرة رأيتها فيها عندما كان هناك ازياد على طلب الاكسجين
كنا نعمل بسرعة كما تدربنا من قبل
و عندها سمعت احدى الخلايا المناعية تصرخ:
الا تستطيعين العمل بسرعة اكبر؟ خلية كسولة..
نظرت باتجاهها فرأيتها تصرخ على ريري -هكذا كنت اناديها سرا!
كانت رقيقة، بريئة، ووقعت في حبها منذ اول نظرة!        

عندها قلت لجاري خلية رئوية-2105695468574 اني اريد ان ابدل مكاني معه وهو امر رفضه لأنه لو تم كشفه لوقعنا في مشكلة كبيرة
لكنه وافق بعد ان اعطيته جزئ سكر كنت اخزنه لما بعد
واصبحت مجاورا لها!
كانت مرتبكة و تائهة..
قلت لها راقبيني و اعملي مثلي..
نظرت لي نظرة امتنان.. وهل أجرؤ وأقول ..حب؟
عشنا اجمل ايام حياتنا سويا
كتبت لها الشعر:
أحببتك كما أحب السكر الانسولين
وانجذبت كرية الدم الحمراء إلى الاكسجين
وهو كما ترون شعر ردئ لكنه كان يسعدها
وكنت اناديها "ريري حبك في سيتوبلازمي يسري" ولم أهتم بتحذيرات باقي الخلايا الرئوية اني هالك لو سمعتني الخلايا المناعية
و لم أبال و نحن نمسك بأهداب بعض وهو أمر يعد انتحارا في نظر صديقي خلية رئوية-2105695468574!

ولم تعد حياتي روتينية بعدها أبدا..
حتى جاء ذلك اليوم
كانت تبدو متعبة ومرهقة. سألتها ما بك
قالت انها لا تحس بانها على ما يرام
ولاحظت نتوءا على غشائها الخارجي و نواتها اصبحت قاتمة اللون و منكمشة
كان هذا يعني امرا واحد
انكرته بيني وبين نفسي وحاولت ان اقتنع بكلامي وانا اطمئنها انها على ما يرام وهو مجرد التهاب بسيط يصيب اي خلية من وقت لآخر..
لكن لم يكن الامر عائدا لي
فقد لاحظتها الخلايا المناعية
واخذتها امام عيني وهي تقول: خلية معطوبة، لن نجازف بوجودك ضمن الخلايا السليمة
وقالت موجهة كلامها الى الخلية البالعة: تعرفين ما يجب عمله
وسرعان ما ابتلعتها وانا اصرخ واحاول ان اتملص من باقي الخلايا التي تحاول اثنائي عن اللحاق بحبيبتي
ريرييييييييييييييييييييييييييي
ولم يتسن لي حتى وداعها..

عدت الى حياتي السابقة الروتينية، مع الفارق اني محطم النواة، بلا روح
امارس عملي وانصاع للأوامر بلا اي نقاش
امر اثار استغراب من حولي، لكن لا يهم ما دمت اقوم بعملي فلا داعي الى اثارة الاسئلة.
وفي يوم، صرخت إحدى الخلايا الرئوية مشيرة الي في ذعر:
يـ..ييوجد نتوء هائل في جدارك الخلوي!!



واعلنت حالة الطوارئ وجاءت الخلايا المناعية، واقتادوني من بين الخلايا
ووقفوا بي امام الخلية البالعة قائلا نفس الجملة: خلية معطوبة، لن نجازف بوجودك ضمن الخلايا الصحيحة، تعرفين ما يجب عمله
عندها استرجعت اللحظات الاخيرة وكيف اقتادوا ريري و ماحدث بعدها..
وصرخت بكل قوتي: لااااااااااااااااااااااا
وتنصلت منهم ووقفت بعيدا:
لا، لن تفعلوا بي كما فعلتم بريري
ليس من حقكم انهاء حياتي هكذا، لم تسألوني رأيي، ألم يخطر ببالكم اني اريد ان اعيش؟
قالت الخلية المناعية في توتر: اهدأ يا  خلية رئوية-2105695468573
انت تعرف اننا عمل هذا كي نحمي باقي الخلايا من ان يصيبها ذات العطب، لا تأخذ الامور بشكل شخصي
ازددت انفعالا: لا اريد سماع مبرراتكم، لقد حان الوقت لتسمعوني انا:
كل الخلايا المعطوبة و التي حكم عليها بالإعدام، حان الوقت كي ننادي بحقنا في العيش، كل الخلايا المعطوبة انضمي الي لنطالب بحياة افضل!
عندها تدفقت الالاف من الخلايا
وكونت كتلة كبيرة من الخلايا المعطوبة
ووقفت في اعلاها قائلا بصوت عال:
سأستقل بهذا الجزء من الرئة، وأعلن نفسي حاكما عليه!
الحاكم سرطون!
عندها سألتني خلية غبية بعض الشيء: عذرا.. لكن ماذا يعني سرطون؟
قلت في غيظ: لا أعلم لقد اخترعته توا!
وعدت الى الجمهور قائلا: واعلن مملكتي والتي سأسميها على اسمي: "سرطان"!
وهتفت خلايا مملكتي في صوت واحد: عاش الحاكم سرطون .. عاش عاش..!
---------------------------------------------
في مكان اخر:
سيد جلال: انت تعرف يا دكتور اني بدأت بالتدخين منذ ثلاثين سنة، و السعال اعتدت عليه، لكن منذ اسبوع لاحظت اني ابصق دما ..
الطبيب: حسنا سيد جلال، سأكون صريحا معك
هذه ليست بعلامة جيدة، لكن لن نتأكد الا بعد اجراء الفحوصات اللازمة، سأطلب اشعة سينية للصدر و باقي الفحوصات لتجريها حالا..
- سيد جلال, الاشعة اظهرت كتلة في الرئة، يجب ان نأخذ عينة منها كي نفحصها تحت المايكروسكوب ونحدد ماهيتها..
- افعل ما تراه مناسبا دكتور..
----------------------------

كنت قد استقليت بمملكتي"سرطان" وكنت في اليوم استقبل مئات الخلايا اللاجئة الفارة من الخلايا المناعية، التي لم تقف ساكنة و هاجمتنا اكثر من مرة، والحق يقال انها قوية وكبدتنا خسائر، لكن الغلبة كانت لنا.
 ومازلنا نتكاثر و نطور طرق لمواجهتهم وهزيمتهم..
وفي احد الايام، كنت جالسا كعادتي لا اعمل شيئا..لم اكن قد تعودت على هكذا حياة، بالرغم من كون حياتي السابقة روتينية الى ان القيام بعمل ونشاط يومي امر اعتدته و افتقده حقا
وكنت انظر الى احد الاوعية الدموية ممتدا امامي.. عندها خطرت لي فكرة..
ناديت مساعدي الايمن وقلت له: اسمع، لا يعجبني بقائنا هنا، اريد ان نتوسع إلى خارج الرئة..
سأرسل  مجموعة من الخلايا لاستكشاف اماكن اخرى في الجسم نستطيع البقاء فيها..
- وكيف ستصل اليها؟
- عن طريق الاوعية الدموية، فهي تصل الى جميع انحاء الجسم..
ولمحتنا خلية مناعية و نحن نقوم باختراق الوعاء الدموي صرخت في ذعر:
أرجوكم لا تفعلوا ذلك، إذا تجاوزتم منطقة الرئة فستحدث كارثة لا يحمد عقباها!
قلت لها وانا ادفع اول خلية خلال فتحة في الوعاء الدموي:
أوبس! أخشى أنك تأخرت..


قلت مودعا جيشي الصغير: الى اللقاء ايها المعطوبون، اختاروا مكانا جيدا ذو اطلالة..هاهاهاها..
قال مساعدي: ريري كانت لتكون سعيدة وهي تراك منتصرا!
- ريري؟ من ريري؟
- ريري! حبيبتك؟
- اه نعم.. طبعا طبعا.. انا افعل هذا من اجل رورو
- ريري
- اجل اجل ريري، عد الى عملك الان!
------------------------------

الان انظر الى مملكتي التي توسعت وقد وصلت اطرافها الى الكبد و العظام، حتى الدماغ اصبحت خلاياه تحت سيطرتي..
اما الخلايا المناعية فتحاول - ما بقي منها - مهاجمتي من وقت لآخر، وهو امر يجعلنا وحاشيتي نستغرق في الضحك ونتسلى بتعذيبهم قليلا قبل القضاء عليهم..
قد يسأل أحدهم: لم فعلت كل هذا؟
طبعا من أجل النفوذ
كنت من بدايتي خلية تحب النفوذ
طموحي من البداية، أن اصبح ذا شأن..
بالرغم من اني احيانا اتذكر خلية قابلتها اسمه "ميمي" أو شيئا من هذا القبيل، اعتقد انها ساعدتني في البداية، لكن حقا لا اذكر اكثر من هذا..
حان الوقت لألقي خطابي الاسبوعي على حاشيتي..
-----------------------------------------------
السيد جلال وحوله اسرته والطبيب:
- انا اسف ان اخبركم أن السيد جلال في مراحل المرض الاخيرة



-----------------------------------------------
سرطان
شعبي العزيز، جيشي الذي لا يقهر
انتم اليوم تشهدون مرحلة مهمة في تاريخ هذا الجسد
لقد استولينا على اهم المناطق الحيوية فيه
ونقوم بالتحكم به كما نريد..
نحن لا نقهر..لا نقهر..لا..
وفجأة بدأ كل شيء يتهاوى حولنا ، الخلايا تختنق لا يوجد اوكسجين كاف
الانسجة و الخلايا تتحلل..
انها النهاية.. لكن لم؟
...
تذكرت الان ريري
ريري الحبيبة..
كانت لتكره المسخ الذي اصبحته..
كانت تلك قصة حياتي..
قصة حياة خلية رئوية معطوبة.

التوقيع:
خلية رئوية معطوبة-2105695468573

23 comments:

  1. خالة رحاب انا قراتها اتجننت مرة حلوة

    لمى

    ReplyDelete
  2. شكرا لمو حبيبي دودة الكتب الصغيرة!
    بعدين حأسألك إيش تعرفي عن الخلايا الخبيثة!

    ReplyDelete
  3. القصة رائعة.. ولكن لماذا جعلتني أتعاطف مع سرطون رغم أنه خلية متمردة؟
    مع التحية الطيبة :)
    الباحثة

    ReplyDelete
  4. أهلا أستاذة حنان
    ربما لأني أتكلم باسم الخلية السرطانية والتي ترى نفسها مظلومة، أعتقد لو أعطيت الفرصة للخلايا المناعية لتقول جانبها من القصة لطالبنا بحكم القصاص من أول اشارة لتمرد خلية رئوية!

    ReplyDelete